Mr. Jackson
@mrjackson

نواف سلام.. بين الوطني والسني

طارق الحجيري

تسمية القاضي نوَّاف سلام رئيساً مُكَلَّفًا تشكيل الحكومة، أثارت الكثير من علامات الرضى والقبول دوليًا ولبنانيًا، خاصةً أنها أعقبت خطاب القَسَم الاستثنائي لرئيس الجمهورية جوزاف عون.

سلام الآتي من رئاسة محكمة العدل الدوليَّة وظيفيًا، ومن أرقى جامعات العالم مراتبًا علميَّة، مستندًا إلى تجربة ديبلوماسية رائدة في دوائر وأروقة الأمم المتحدة، حاملًا على كتفيه إرث عائلة عريقة في العاصمة بيروت، قدمت لها وللوطن قامات وهامات كبيرة في السياسة والفن والعلم والأدب والصحافة.

السيرة الذاتيَّة الإستثنائية للرجل تفتح له وأمامه أكبر صروح العالم، لكن في لبنان بلد التجاذبات والنكايات والولدنات السياسيَّة، قد تجد من يهاب ويَتَهَيَّب هكذا كفاءة سواء على المستوى الوطني، أو داخل الطائفة السنيَّة حيث يخشى بعض المتزعمين فيها من نجاح سلام في رئاسة الحكومة ما يُشكّل تهديداً فعليًا لوجودهم، فغير خفي على أحد محاولات تيار المستقبل إبعاد الرئيس سلام عن السراي، لذلك تجنَّدت السيدة بهيَّة الحريري للتواصل مع عددٍ من النواب السنة، وحثهم على التصويت للرئيس ميقاتي القانع بدوره الحكومي والمبتعد عن محاولة التَّزَعم سنياً.

الرئيس نواف سلام أبدى تمسكه وحرصه على القراءة بكتاب الدستور واتفاق الطائف حصرًا، ما يعني حرصه على صلاحيات ودور رئاسة الحكومة بالشراكة والتكامل مع رئيس الجمهورية لأنهما شريكين وليسا خصمين كما قال الرئيس جوزاف عون في خطابه

رئاسة الحكومة التي تلاشى تأثيرها وخفَّت فاعليتها ودورها، منذ حكومة “الثلث المُعَطِّل” السيء الذكر، هي اليوم أمام واقع استعادة ما سُلِب منها بجشع البعض أو بسبب ضعف من تواتروا عليها أو بسبب حسابات مصالح ومغانم بعضهم ونزواتهم الخاصّة.

في العهد الجديد يتوق اللبنانيون لانطلاق عجلة الدولَّة فعليًا لا شعاراتيًا كلاميًا، أن يعتدل القضاء وتستقيم الإدارة، تُقطَع أيادي الفاسدين المرتشين، ويكافأ ذوي النزاهة والكف النظيف، وأن تحتكر الدولة وحدها دون شريك قراري السلم والحرب وحصرية السلاح.

نجاح الرئيس سلام في مهامه الصعبّة والقاسية هي طوق النجاة للبنانيين السنة، وسُلَّم الخروج من حفرة اليأس والإحباط التي أنزلتهم إليها التنازلات والمساومات وسياسات النعامة، لا يريد اللبنانيون السنة أن يكونوا أم الصبي ولا أبيه، بل يريدون أن يكونوا مواطنين فعليين لا يسطي أحدٌ على حقوقهم الوطنية، يحترمون القانون مقابل أن يعدل القانون معهم فلا يبقى أبناءهم في السجون بعد الأحكام الحاقدة الجائرة في المحكمة العسكرية ذات الهوية والأحكام الممانعة.

على أمل النجاح والتوفيق للرئيس المُكَلَّف يضع اللبنانيون رؤوسهم على وسائدهم أملين بنوم هادئ في دولة سليمة معافاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *