طارق الحجيري
لم تعد جمعية «جسور النور – عرسال» مجرد اسم لمؤسسة تعمل وفق ما يريده المانح ويخططه الممول. بل أصبحت رقمًا أساسيًا في تنفيذ وجلب مشاريع التنمية المستدامة التي تحتاجها البيئة من خلال دراسات فريقها. رؤيتها تمتد لسنوات قادمة مع جهوزية للاستجابة لكل طارئ.
منجزات الالتزام والتطور
في جلسة مع رئيس الجمعية النشيط الأستاذ بسيم الأطرش، وفي استعراض لأنشطتها خلال السنة الماضية، أكد أنّ «كل عام يفتقد للتطور والتجديد هو عام ناقص»، موضِحًا أنّ مشاريع مثل التعليم، الدعم النفسي، والتمكين المعرفي تمتنامي بشكل ملحوظ، وفي المجالات الزراعية والرياضية تطورت بنيتها وازداد تفاعل فريقها البشري كمًا ونوعًا.
وُلِدَت لِتًكْبُر
بدايةً أكَّد الأطرش أنَّ :”هذه الجمعية وُلِدَت لتكْبُر، مرحلة البقاء لم تكن ببالنا، أيِّ سنة لا يكون فيها تطوير نوعي في عمل الجمعية هي سنة ناقصة من عمرها وليس ضائعة، لذلك مشاريعنا السابقة كالتعليم والدعم النفسي والتمكين المعرفي كَبُرَت، الزراعية الرياضية تطورت، المنشآت توسعت ، الفريق البشري ازداد عدديًا ونوعيًا”.
تعليم ورياضة
يتابع الأطرش، في مجال التربيَّة والتعليم والمهارات الحياتية ازدادت الأعداد بشكل ٍ كبير لعام 2024/2025 فكانت:
٥٠٠ طالب روضات “٥ سنوات”
٢٠٠ طالب محو أميَّة
٨٠٠ طالب تقوية بالتعاون مع المدارس الرسميَّة لرفع مستوى الطلاب وتعويض ما فاتهم في سنوات كورونا والأونلاين.
100 طالب مهارات حياتية
أمَّا في الشق الرياضي والإعداد البدني يقول الأطرش :” عملنا على تأهيل ملعب كرة القدم لتقديمه كأفضل مساحة رياضية امنه للرياضيين بمختلف أعمارهم ، تم تكبير ملعب كرة السلة ليصبح سلتين مقابل بعضهما ونعمل على تطوير تجهيزات النادي الرياضي “الجيم” كما استحدثنا لأول مرة رياضة “السكيت بورد” التي لاقت رواجًا كبيرًا لدى الأطفال، ونعمل من خلالها على زيادة اللياقة البدنية لدى الأطفال وممارسة رياضة ممتعة في آن واحد، أمَّا الأهم رياضيَّا هذا العام كان إطلاق أكاديميّة كرة القدم للأطفال، أعداد الأطفال المنتسبين ومهاراتهم شكلت حافزًا كبيرًا لنا للعمل على تطويرها بشكل ممنهج ومدروس لجهة المدربين والملاعب والأهداف البعيدة المدى”.
المرأة والعاطلين عن العمل
المرأة لم تكن بعيدة عن مشاريع الجمعية لهذا العام فكان لها نصيب كبير من الدعم والتدريبات ، كذلك الرجال العاطلين عن العمل، وفق ما يؤكد رئيس الجمعية :” مثل كل السنوات السابقة، التمكين الإقتصادي للمرأة، كان في صلب مشاريع وبرامج الجمعية:
٢٥ سيدة حصلن على مبالغ ماليَّة نقديَّة (1500$) لتطوير أعمالهن وجعلها ذات مردود أعلى.
٤٥ سيدة خضعن لدورات مُكَثَّفة في مشروع “التَّمَهُن” للتدريب على الخياطة وصناعة والألبان والاجبان والزراعة .
٦٠ سيدة خضعن للتعليم حول كيفية دخول سوق العمل من خلال دورات تدريب “كتابة السيرة الذاتيَّة وكيفية إجراء المقابلات”.
أما بالسبة للشباب العاطلين عن العمل كان لهم نصيب المشاركة في مشروع “المال مقابل العمل”، لدعم المزارعين والقطاع الزراعي ككل وأم الأنشطة تمحورت حول إعادة تأهيل مع الطرقات الجبلية الوعرة التي تصل المزارعين ببساتينهم في الجرود ، كما تم اعداد فريق اخر لمساعدة بعض المزارعين بعملية القطاف إ ضافة الى فريق التقليم التقني الذي يقدم الدعم التقني للمزارعين من خلال توجيهم ومساعدة بعض المزارعين في تقليم بساتينهم بطريقة علمية إضافة الى بعض الاعمال البيئية التي شملت الحديقة العامة ومدخل البلدة ومعهد عرسال الفني…
أعمال الصيانة في البنى التحتية
جرت بعض أعمال الصيانة والترميم لبعض البنى التحتية في البلدة منها :
- بناء جدار دعم لنبع عين الشعب بهدف حماية الطريق الرئيسي وللمحافظة على منبع المياه .
صيانة بعض الاعطال في محطات المياه وتبديل بعض القطع التالفة .
صيانة بعض الاعطال في الطرقات الرئيسية والفرعية للتخفيف من هدر المياه .
تمديد خطوط مياه من المحطات لتنظيف لواح الطاقة إضافة الى تمديد خطوط للمياه لثانوية عرسال وحديقة عرسال العامة .
الحرب والإغاثة
منذ اللحظات الأولى للحرب على لبنان، كانت فرق الجمعية متواجدة على الأرض، تقوم بما تستطيع لتلبية النازحين في البلدة قبل قرارات الحكومة وقبل بدء المنظمات الدولية بالتدخل، عن ذلك يخبرنا الأطرش :” وقعت الحرب والدولة والأحزاب غائبة، وصل النازحون بأعداد كبيرة، البلدية مُنْحَلَّة ولا مجال للوقوف موقف المتفرج، لجأنا فورًا لمستودع الطوارئ لإغاثة الناس، ثُم لاحقًا بدأنا الاتصالات لإحتواء الأزمة، فعملنا على تأمين ما يقارب :
-٥٠٠٠ حرام
- ٥٠٠٠ لوح اسفنج
- تأمين بدل مالي نقدي ل230 عائلة صامدة ونازحة في بلدة العين.
- تأمين كميات جيدة من الملابس “بالتعاون مع أحد الشركاء”
إضافة لتأمين عدد من الخدمات اللوجستية في مراكز الإيواء.
هذا بالإضافة إلى عشرات الأنشطة الآنية السريعة التي تحدث بشكل سريع دون إعداد مسبق، مثل صلاة عيد الأضحى الجامعة في الملعب، أو الندوات الإجتماعية الارشادية التوعوية، الدورات الرياضية والأنشطة الشبابية الصحية والتربوية وغيرها الكثير.
الثورَة .. أُخُوَّة وانتصار
طيلة ثلاثة عشر عاما من معاناة اللاجئين السوريين في العالم، كان لجسور النور رحلة أخوة وشراكة مع اللاجئين في عرسال، من البدايات للإخفاقات والإنكسارات وصولًا لليوم التاريخي ٨ كانون أول يوم سقوط النظام المجرم وهروب شبيحته.
يقول الأطرش حول ذلك “ثلاثة عشر عامًا مرَّت سريعة صحيح، لكنَّها كانت ثقيلة مريرة قاسية، كلاجئين ومجتمع مضيف، تعرضنا سويًا لأقسى أنواع الظلم، تقاسمنا لقمة العيش، تشاركنا الدموع والأحزان والأوجاع، باتت صورة الإرهاب تلازمنا حتّى في الدوائر الرسميَّة ( حجبوا عنا جوزات السفر ثلاث سنوات وأضاعوا علينا عِدَّة فرص في الخارج فقط لعملنا الإغاثي مع الأخوة السوريين)، المئات من أبناء وشباب بلدتنا تعرضوا للسجن التعسفي والظلم والإهانات والتنميط الإعلامي (تهمة الداعشيَّة) وحتّى الآن لا زال العشرات في السجون منهم دون أحكام، نطالب بالإفراج الفوري عن كل الموقوفين بتهمة دعم الثورة والتواصل مع الثوار (ولا ندافع عن أي مرتكب وهم قلة قليلة) .
يؤكد الأطرش أن الشراكة لم تكن في المعاناة فقط :” فرحة النصر هنا في عرسال لم تكن أقل من أي منطقة ومدينة وضيعة وشارع في سوريا، جمعتنا المآسي وجمعتنا الفرحة الكبرى، نحن والشعب السوري كنا قبل الثورة “أهل وأخوة” أمَّا اليوم بعد سقوط الطاغية بتنا “أهل وأخوة وشركاء في المآسي وشركاء في صناعة المستقبل الجميل” ستمتد جسور المحبة والصداقة إلى كافة المناطق السورية، وكما استقبلونا بكل حفاوة وتكريم وتقدير ستبقى جمعية جسور النور بيتًا لكل سوري ولكل مظلوم مضطهد، هذه أخلاق ومبادئ ونهج حياة لا نساوم عليها”.
في الختام يؤكد الأستاذ بسيم :”العام الجديد بالتأكيد سيحمل الخير معه، هذه المسيرة لن تتوقف، سيكون عام ٢٠٢٥ عام التخطيط والتنفيذ “باذن الله” لنهضة بلدتنا عرسال، تعافيها واستعادة حقوقها التي سلبت ظلمًا وعدوانًا، ستكون رايتها بيضاء نظيفة خَفَّاقة في السماء، لذلك بدأنا بتشييد قاعة المحاضرات تنتهي قريبًا، ستحضن باذن الله مؤتمرات ولقاءات كثيرة في سبيل خدمة مجتمعنا وأهلنا” .
كل عام ونحن ووطننا لبنان أفضل مما كنا عليه.