طارق الحجيري
دخل وقف إطلاق النار في جنوب لبنان يومه الثالث مترنحًا قابلًا للسقوط في أيِّ لحظة ولأصغر خرق أو تهديد أو تحرك، بل فعليًا متى شاء نتنياهو.
حسابات الربح والخسارة، سطوع الانتصار أو زيفه، تثبيت معادلة الرَّدع ومنع اسرائيل من التفكير بالاعتداء على لبنان، فرضية احتلال الجليل، كلّها أسئلة ليس لها إجابات حاليًا، حتّى لو كان حجم الدمَّار والخراب يعطي انطباعًا أكيدًا لمن يشاء التبصر، بعين العقل ولغة الواقع بدون سرديات غيبيَّة ماورائية.
أفرزت الحرب مجموعة خلاصات لا يمكن القفز فوقها ولا التغاضي عنها تحت أي ذريعة:
- فتح جبهة الإسناد أو المشاغلة خطئًا كارثيًا بكل معني الكلمة، لم يحم غزة ولم يمنع الإعتداء على لبنان “بل تدميره” وبالنهاية عدنا إلى تثبيت فصل الجبهات وترك غزة لمصيرها وحيدة.
- التذاكي على القرارات الدوليَّة لعبة أطفال في الأزقة والحارات، ليس له مكانًا على طاولة الكبار، والعودة لتطبيق ال١٧٠١ تحت النار والتهديد أكبر برهان، وربما القرار ١٥٥٩ بات دوره قريبًا.
- لا بديل ولا غنى عن الدولة اللبنانية بكافة مؤسساتها الأمنية والسياسيَّة وفي مقدمتها الجيش اللبناني ضمانة الاستقرار داخليًا ومحط ثقة الخارج.
- لا بديل عن الهوية اللبنانيَّة هويةً واحدة وحيدة جامعة بدون أي تبعيَّة للخارج أنَّى كان هذا الخارج.
- لا بديل عن عروبة لبنان والعداء للعرب هو “مقتلة” خالصة للبنان وشعبه، وما يحكى عن أدوار خفيَّة لإيران “بيع أذرعها مقابل ضمان رأسها” تؤكده الأيام أو تنفيه.
- لا بديل عن الإنضواء في كنف الشرعيّة الدوليّة بكل مقرراتها بدون انتقائية وتذاكي، والعودة لتطبيق ال١٧٠١ مرغمين إجابة واضحة للمشككين.
- اللغة الوطنية وحدها المقبولة بين اللبنانيين، فقد أثبتت الحرب أن لغة الإستقواء والإستعلاء مقيتة كريهة مكانها “مزبلة التاريخ” فمن احتضن النازحين هم الذين طالتهم كل لغة الشتائم والتخوين والاتهام بالعمالة.
أمّا دروس الحرب وتقييمها والبحث في جدواها ونتائجها، لها بحث أخر قريب يعقب الجنازات وانتشال الجثث من تحت الركام ودفنها.