Mr. Jackson
@mrjackson

عام الطوفان .. عناد ومكابرة

طارق الحجيري

سنة سوداء مريرة مرَّت على الشرق الأوسط، مليئة بالدماء والدموع والأشلاء، أكوام الردم ارتفعت، سواد العتمة يزداد، في كل صباحٍ، مع شْروِق الشمس، يتبدَّد أيّ أملٍ للفَرَج والخروج من النفق المُظلِم.

في السابع من تشرين الأول قبل عام، أفاق العالم على مشهد هوليودي مُفزِع، عناصر كتائب القسّام، الجناح العسكري لحركة حماس، يتجاوزون السيّاج الالكتروني على حدود غزَّة، يقتلون ما يزيد عن ألف اسرائيلي ويأسِرونُ ما يقارب الثلاثمائة، مشهدًا ظنَّه العالم وهمًا، لكنّه حقيقة دامغة، ستمكث تأثيراتها، نتائجها، جراحها، ندوبها في جسد المنطقة طويلًا.

المؤسف أنّه بمرور سنة على عملية “طوفان الأقصى” ما تزال القراءة سرياليّة عاطفيّة شعاراتيّة ترفض الواقع، فحماس رغم تحويل غزّة إلى مكانٍ غير صالح للحياة “كومة ردم” لا تزال تتباهى بانتصاراتها وتَتَّهم العالم العربي بالتخاذل والتخلي، و”حزب الله” رغم اغتيال أمينه العام وأغلب قادته الكبار، لا زال يتحدث عن الصلاة في القدس وتحرير الأقصى والمقدسات واحتلال الجليل.

رفعت حماس شعارًا لفعلتها رددته على مسامع العالم ” دحر أخر احتلال على وجه الأرض إضافة لتبييض السجون من الأسرى الفلسطينيين” لكن النتيجة أنها لم تحرر شبرًا واحدَا من أرض فلسطين، ونزلاء السجون تكاثروا بالألاف، أمّا الحزب الذي شنَّ حرب الإسناد بات فعليًا بحاجة إلى من يسانده على إيقاف نزيفه، قادة ومقاتلين، بنيانًا وعمرانا، بيئة حاضنة باتت نازحة في بلدها.

في قراءة موضوعيّة للواقع، بعيدًا عن المغالاة والمجاملات، ففي النتائج المباشرة لعام “الطوفان المشؤوم” تمَّ تدمير أهم وأقوى تنظيمَين عسكريين مناهضيَن لإسرائيل “حركة حماس” في غزَّة، والحزب في لبنان، هذا ما قد يشَكّل راحةً طويلةً لها تُعَزز أمنها، دون إغفال عن قتل ما يزيد على ستين ألف إنسان عربي، وجرح ربع مليون أخرين، ناهيك عن الخسائر الاقتصادية الهائلة من غزَّة وصولًا لليمن.

في السياسة أفعال الغباء أخطر بكثير من أفعال العملاء، هذا تحديدًا ما يعانيه شرقنا العربي منذ خمسينات القرن الماضي، جنرالات ملأ الغباء رؤوسهم بوهم الزعامة وقيادة الأمة، تَسَلَََّطوا على الشعوب بالحديد والنار، والذريعة نفسها تحرير فلسطين من البحر إلى النهر، بعد إزالة اسرائيل من الوجود، كرَرَّت تنظيمات الإسلام السياسي غباء جنرالات العسكر مستخدمة ذات الذريعة، لكن لا فلسطين تحرَرََّت ولا اسرائيل زالت، فيما المواطن العربي يبحث عن بقايا خيمة يتخذها وطنًا بديلا قبل النزوح التالي.

لا شيء ينقذ لبنان وشعبه، من آلة الموت الصهيونية المجرمة، سوى الدولة مهما كانت ضعيفة، فهل يقبل الحزب بالركون الى الدولة للنزول عن الشجرة؟؟؟ أم يستمر في عناده ومكابرته ليأتي على أخر ما تبقى من لبنان. يلقى الأمل أن الروح الوطنيّة اللبنانية، حتى لو كان ضئيلًا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *