أعلن پزشکيان عن دخوله إلى الساحة الانتخابية بدعوى: “جئت لأنني رأيت النظام في خطر…” (موقع جماران، 19 يوليو). لكن يبدو أن المخاطر التي كانت تهدد نظام الملالي قد ازدادت سوءًا مع تولي پزشکيان الحكم، حيث تبدلت الأوضاع بشكل ملحوظ، مما زاد من حدة الصراع والانقسامات داخل النظام المتأزم.
وقد تجسد هذا الواقع بوضوح من خلال التصاعد السريع للصراعات والانقسامات بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة يوم الأحد 11 أغسطس، سواء في البرلمان الرجعي أو بين الفصائل المتنازعة على السلطة.
ردود الفعل على التشكيلة الحكومية
من جهة، حذرت جبهة الإصلاحات داخل نظام ولاية الفقيه غير القابل للإصلاح من العواقب الاجتماعية والسياسية للحكومة الجديدة، وكتبت في رسالة إلى پزشکيان: “يجب أن تكون حكومتكم رمزًا للتغيير والإصلاح في سياسات البلاد وإدارتها، وليس مجرد استمرار لها”، مشيرة إلى أن “فشل حكومتكم لن يسهم في إصلاح الانقسامات والتمزقات بين الحكومة والشعب”.
أعربت أذر منصوري، رئيسة جبهة الإصلاحات، عن خيبة أملها من تركيبة حكومة پزشکيان، قائلة: “الحكومة الائتلافية ليس لها صاحب، وفي الوضع الحالي، فإن تشكيلها لن يحل مشكلة في الحكم، بل سيخلق موجة من خيبة الأمل في المجتمع وبين مؤيدي الحكومة الرابعة عشرة”.
بعض الإصلاحيين المحبطين ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث قالوا: “لا نتوقع أي تغيير ملموس من هذه الحكومة!” وكتب آخرون أيضًا: “للأسف، فشلت الآليات المصممة لاختيار الوزراء فشلًا ذريعًا، وتسببت العديد من المتغيرات في تغييرات مستمرة في الخيارات وارتباك غريب في أفكار الرئيس” (تحليل زمانة، 11 أغسطس).
الصراعات داخل النظام
من جهة أخرى، تطالب العصابة المهيمنة بحصة أكبر وتهدد بعرقلة حكومة پزشکيان. في هذا السياق، أشار حاجي دليكاني، عضو البرلمان الرجعي، إلى اعتراضات البرلمانيين أثناء قراءة قاليباف لأسماء الحكومة، قائلًا: “أعتقد أن ستة أشخاص على الأقل لم يصوتوا أو كانوا على حافة الرفض. لقد رأينا ردود فعل النواب تجاه أسماء الوزراء المقترحين التي قُرئت في البرلمان”.
قال شريعتي، عضو آخر في البرلمان الرجعي: “أربعة وزراء على الأقل ممن اقترحهم پزشکيان لن يحصلوا على تصويت بالثقة”. وقال حكيم بور، عضو سابق في البرلمان، “المتشددون في البرلمان قد شمروا عن سواعدهم بالفعل، ويستعدون لوضع العقبات أمام الحكومة بأي وسيلة ممكنة”.
وفي 10 أغسطس، شنت صحيفة كيهان، المقربة من خامنئي، هجومًا حادًا بالإهانات على المجلس التوجيهي لظريف، ووصفت أعضاءه بأنهم “فاسدون وغير أكفاء” مضيفة أن “مكانهم في قفص الاتهام والمحاكمة، وليس ضمن قوائم مقترحة لمجلس الوزراء!”
كتبت كيهان في وصفها لحاشية پزشکيان: “الرئيس محاط بدوائر تسمى مجموعات عمل اختيار مجلس الوزراء والمجلس التوجيهي، والتي تضم في صفوفها أشخاصًا لهم سجلات سوداء وأشخاصًا لديهم انحرافات عن الثورة الإسلامية، بالإضافة إلى دمى أمريكية وبريطانية وإسرائيلية متورطة في فتنة عام 2009، وأيضًا مؤيدي مقاطعة الانتخابات، والمسببين والمسؤولين عن السخط وعدم الكفاءة المتعمدة في حكومة روحاني الأرستقراطية”.
التحليل والتوقعات
هذا الصراع العنيف والانقسامات بين الفصائل المختلفة داخل النظام بدأ حتى قبل أن يتخذ الرئيس الجديد خطوة فعلية في تشكيل الحكومة، ويعكس الانقسامات العميقة التي تمزق نظام ولاية خامنئي المتأزم والذي يجمع بين عناصر من حكومتي رئيسي وروحاني السابقتين.
وفيما يتعلق بأوضاع النظام، تلخص مريم رجوي، زعيمة المعارضة الإيرانية، الموقف قائلة:
“بزشكيان يتأرجح بين نهج روحاني ورئيسي. حكومته تمثل خليطًا من العصابات الإجرامية التي كانت موجودة في الحكومتين السابقتين رئيسي وروحاني. منذ البداية، أعلن أنه جاء لحماية النظام من خطر متزايد، ولكن هذا الخطر يزداد مع تصاعد الصراع بين الفصائل المتنازعة داخل النظام”.