Mr. Jackson
@mrjackson

هدية مجدل شمس

طارق الحجيري

سواء كان مُطلق الصاروخ على بلدة مجدل شمس في الجولان، حزب إيران في لبنان كما تقول اسرائيل، أو مصدره القبة الحديدية الاسرائيلية كما يقول الحزب بعد مسارعته لنفي أي صلة له بالصاروخ، تبقى النتيجة واحدة، فقد شكّلت المجزرة هديّة خالصة لنتنياهو.

المجزرة التي أدّت إلى سقوط ١٢ طفلا سوريا عربيا في ملعب كرة قدم، أسدلت الستارة سريعا على المقاطعة الكبيرة لكلمة نتنياهو في الكونغرس الأميركي، وانقلبت لصالحه في رحلة تزوير الواقع والتاريخ، وتقديم نفسه بصورة المظلوم الذي يريد رد الموت عن مواطنيه، وردع مجموعات ظلامية لا تتورع عن قتل الأطفال كما حدث في مجدل شمس.

الجانب الأميركي الذي سارع إلى تأكيد الهوية الإيرانية للصاروخ، أكّد أيضا حق اسرائيل بالدفاع عن امنها وحياة شعبها، و انطلق فورا لإجراء اتفاق ناري يضمن لإسرائيل حقها بالرد دون الذهاب الى حرب واسعة، مقابل غض نظر من الحزب عن استهداف مقراته، تماما كما جرى في الرد المسرحي الهزلي الإيراني بعد تدمير قنصليتها في دمشق على رؤوس كبار جنرالاتها.

كل ما جرى ويجري منذ الثامن من تشرين الاول الماضي، بعد اطلاق ما سُمي بحرب المشاغلة، ومسارعة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الى التصريح بان الدولة تقف خلف “المقاومة” يُؤكد بأن أي نقاش في موضوع الدولة هو مضيعة للوقت و”ضحك عالدقون”، فكيف يمكن لحكومة في دولة سيدة مستقلة أن تقف خلف منّظمة تفاخر وتجاهر بانها جزء من مشروع خارجي؟ منظمة تُقّدم مصلحة وليها الخارجي على مصلحة بلدها، حتى إنّ أغلب دول العالم بمن فيها جامعة الدول العربية تصنفها منظمة ارهابية.

يعرف المتابع للحرب القائمة منذ عشرة أشهر، أن نهايتها ليست وشيكة، لأن نتائجها ستغير وجه المنطقة وهويتها وخرائطها، كما أنها ستؤثر في رسم وصناعة مستقبل الاقتصاد العالمي، سواء مشروع ٢٠٣٠ السعودي أو خط الحريري الصيني، كذلك أمن الممرات والمعابر والموانئ المائية، ما يُعطي نتنياهو فرصة طويلة من الوقت الضائع يتابع فيها لعبته المفضلة في القتل والدمار وزرع الخراب.

لذلك في ظل اتساع رقعة التشظي اللبناني، واندثار ما تبقى من مؤسسات الدولة، يُصبح تلاقي الأطراف الوطنية اللبنانية المناهضة لمشروع الموت الإيراني ضرورة وطنية لأجل البقاء، لقاء حول وثيقة وطنية سيادية جامعة، لا تقبل الشك ولا المهادنة والمسايرة، تدعو لإعلاء مصلحة لبنان ووضعها فوق كل اعتبار، تبدأ من وقف الحرب وتطبيق القرار ١٧٠١ ثم انتخاب رئيس جمهورية واطلاق ورشة بناء المؤسسات الدستورية على أسس وطنية سيادية راسخة.

كل محاولات ومشاريع الغلبة في لبنان سقطت وذهبت ادراج الرياح، هذا هو المصير المحتوم لمشروع الموت الايراني في لبنان، أما تحرير فلسطين والمقدسات ونصرة المظلومين ومحاربة أميركا كلها شعارات جوفاء فارغة ممنوعة من الصرف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *